رافلز 1887
كانت كريستين غرانفيل من أوائل العملاء في بريطانيا وأكثرهم نجاحاً خلال الحرب العالمية الثانية. نفّذت العديد من المهام الخطرة في بولندا وفرنسا اللّتين كانتا تخضعان للاحتلال النازي، ما جعلها تُعرف بالجاسوسة المفضّلة لدى تشرشل. وبفضل جهودها، قرّرت الإدارة التنفيذية للعمليات الخاصة (SOE) تجنيد مزيد من العميلات في البلدان التي كانت تخضع للاحتلال النازي.
في البداية عملت غرانفيل في تهريب الأموال، والأسلحة، والمتفجرات، وفي جهاز المخابرات، وأحياناً في تهريب الأشخاص من بولندا وإليها. وفي عام 1941، أُلقي القبض عليها في المجر، ولكن تم الإفراج عنها بعد أن أقنعت الغِستابو بأنها كانت تعاني من مرض السل. وفي وقت لاحق، تم إنزالها بالمظلة في جنوب فرنسا الذي كان خاضعاً للاحتلال النازي، وتنقّلت على نطاق واسع عبر أراضي العدو، حيث نقلت الرسائل، وفي إحدى المرات، أمّنت إطلاق سراح ثلاثة عملاء بريطانيين كانوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام.
يدّعي البعض أنّ غرانفيل كانت مصدر إلهام الكاتب إيان فليمنغ في ابتكار شخصية Vesper Lynd في رواية بوند الأولى، كازينو رويال. ومهما كانت الحقيقة في ذلك، فلا شك أنّ مآثِرها الجريئة المذهلة أكسبتها وسام جورج ووسام رتبة الإمبراطورية البريطانية (OBE) (وصليب الحرب (Croix de Guerre)). ولكن هذا لم يكن له قيمة كبيرة عندما وجدت نفسها في القاهرة في نهاية الحرب، بلا وظيفة ولا جنسية.
والمشكلة كانت في أنّ اسم كريستين غرانفيل هو اسمها المستعار. أمّا اسمها الحقيقي فهو ماريا كريستينا جانينا سكاربيك، ابنة كونت بولندي ووريثة يهودية. وبصفتها عميلة بريطانية سابقة، كان من الخطورة أن تعود إلى بولندا، ولم يحق لها دخول بريطانيا بما أنها لم تكن مواطنة بريطانية. وبعد أن أثارت ضجة كبيرة وهددت بإعادة وسام جورج ووسام رتبة الإمبراطورية البريطانية (OBE)، مُنحت أخيراً الجنسية البريطانية في عام 1946 واستقرت في لندن. ومن المحزن أنها ماتت كما عاشت محاطة بالتحديات، فبعد ست سنوات فقط طُعنت حتى الموت على يد أحد المعجبين بها، والذي رفضت حبّه.
يقع جناح غرانفيل الرائع في فندق رافلز لندن آت ذي أو دبليو أو (Raffles London at The OWO) في جزء من المبنى الذي كان يُستخدم في السابق للاستقبالات العسكرية، ولا شك أنّه كان سينال إعجاب كريستين غرانفيل: فهي أرستقراطية ولا تهتم بالأمور المنزلية، وكانت تفضّل الإقامة في الفنادق لا في المنازل.